التغلب على تنظيم (داعش) في ليبيا – خطة للتعافي من الكارثة

20/02/2015

لقد حَلَّ كابوس مظلم بظلالهِ الكئيبة محل أحلامنا المنيرة التي حلمنا فيها بوطنٍ خالٍ من الاستبداد؛ وطن يمضي إلى الأمام على طريق الديمقراطية؛ يسوده الأمن والاستقرار وسيادة القانون، وتُحْتَرَم فيه الكرامة الإنسانية، ويتحقق فيه الازدهار الاقتصادي والنهضة الوطنية الشاملة.

في أحدث مقالاته، يضع عارف النايض الخطوط العريضة لخطة واضحة للتعافي من الكارثة التي ألمت بليبيا وشعبها؛ وتتمحور حول خطة عمل حاسمة وواضحة المعالم لتحقيق التعافي الفوري من خلال شراكة وثيقة مع تحالف جديد من (أصدقاء ليبيا) يتألف من حلفاء اقليميين ودوليين يفكرون بنفس عقليتنا، ويحترمون ثقافتنا، ويتمتعون بالمصداقية.

وفيما يلي التوصيات الرئيسية لخطة التعافي من الكارثة في ليبيا:
1. التأييد، والدعم الدولي للهيئات والمؤسسات المنتخبة الموجودة في ليبيا اليوم، ويشمل ذلك مجلس النواب الليبي، والحكومة المنبثقة عنه، والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، والمجالس البلدية المحلية.

2. حماية وتأمين مجلس النواب الليبي، والحكومة المنبثقة عنه، والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، والمجالس البلدية المنتخبة، لتمكينهم من العمل بعيداً عن الضغط والترهيب والإكراه.

3. حماية وتأمين المحكمة العليا في ليبيا ودائرتها الدستورية، ونشر نتائج التحقيق الدولي المستقل لآخر ما اتخذته من القرارات الهامة. وفي هذا الصدد، يجب على المجتمع الدولي عدم الاعتداد بالأحكام الصادرة تحت الإكراه، وإعلان بطلانها، واعتبارها كأن لم تكن.

4. استكمال عضوية مجلس النواب الليبي من خلال مطالبة العدد القليل من الأعضاء المقاطعين لجلساته إلى إعادة الانضمام إليه؛ وينبغي عليهم المشاركة من الداخل بدلاً عن الانسحاب ثم الشكوى والتذمر بحجة “الافتقار للشمولية”، وإدعاء “الإقصاء” و “التهميش”؛ فهم بمقاطعتهم لجلسات البرلمان الشرعي إنما يقومون حقيقة بعملية اقصاء لجميع زملائهم المشاركين. إنّ الأعضاء الذين يستمرون في رفضهم في العودة للإنضمام إلى مجلس النواب الليبي يجب استبدالهم بالمرشحين الذين حصلوا على المركز الثاني من نفس الدوائر الانتخابية التي ترشحوا أمامها.

5. توفير مقر آمن لمجلس النواب لعقد اجتماعاته في مدينة طبرق، حتى يصبح بالإمكان العودة بأمان إلى المقر الرسمي في بنغازي.

6. تقديم الدعم التقني العاجل للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في بيئةٍ آمنة وداعمة، من أجل الإسراع في الانتهاء من كتابة دستور البلاد.

7. إذا كانت عملية صياغة الدستور ستستغرق أكثر من 90 يوماً آخر لإكماله، فيجب علينا أن نعود إلى التوصيات الأصلية للجنة فبراير ومن ثم الدعوة لانتخابات رئاسية عامة، حيث أن مجلس النواب الليبي لايزال للأسف يمارس صلاحيات رئيس الدولة الليبية على افتراض أن لجنة صياغة الدستور كانت ستنتهي من عملها بحلول شهر ديسمبر كانون الأول عام 2014.

8. تقديم مساعدة تقنية عاجلة إلى الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب الليبي، وإدخال آليات لتحسين الإدارة الرشيدة والشفافية.

9. تشكيل ” مجلس اقتصادي للطوارئ” على وجه السرعة، والذي يمكنه أن يجمع بين كبار الخبراء الليبيين في مجالات البنوك المركزية، والنفط والوقود، والإغاثة الإنسانية، والتمويل والاستثمار، والاتصالات، مع الإستعانة بصفوة من خبراء الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي. ويجب أن يتم تكليف المجلس المقتَرَح بحماية وترشيد الموارد المتبقية في ليبيا بغية تجنيبها مخاطر الانزلاق نحو الهاوية الاقتصادية والمالية التي تتهددها، وذلك بسبب الآثار الكارثية على الإقتصاد الليبي والناجمة عن التدني الشديد في حجم الصادرات النفطية بالتزامن مع انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.

10. عقد اجتماعات على الفور بين المجموعات التي تمثل مكونات الطيف الإجتماعي الليبي مع منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المجالس البلدية والقبلية، ومجالس المصالحة، تمهيداً لعقد لقاء على مستوى عموم ليبيا بين القيادات الرئيسية على الأصعدة المجتمعية والبلدية والقبلية والمدنية، وذلك من منطلق أن بناء التوافق في الآراء أمر حيوي لدعم العمليات الدستورية والديمقراطية.

11. تشكيل مركز قيادة للأمن الوطني ، يمكنه قيادة الصراع ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” المزعومة ومليشيات “أنصار الشريعة”، وحلفاءهم ومناصريهم وكل من يدعمهم. ويجب أن يتضمن هذا المجلس ضباطاً من كل المدن والبلدات الرئيسية، والقبائل الليبية، والذين يلتزمون حقاً بمكافحة الإرهاب في ليبيا. ويجب أن يكون هذا المجلس مرتبطاً بشكلٍ حيوي بالتجمعات والتحالفات الإقليمية والدولية التي تحارب تنظيم “الدولة الاسلامية” المزعومة ومن على شاكلتهم من الإرهابيين الآخرين في بلدانٍ أخرى. ويمكن تسهيل هذه الروابط عن طريق الإستعانة بمستشارين وخبراء دوليين في المركز المشار إليه.

12. تشكيل قوة ليبية للتدخل السريع تتكون من ضباط وجنود من الجيش الليبي من مختلف أنحاء ليبيا، وتوفير ثلاث قواعد يمكن من خلالها إدارة عمليات هذه القوة: قاعدة في شرق ليبيا، وأخرى في غربها، وثالثة في جنوب البلاد. ويجب تطعيم قوة التدخل السريع بمستشارين عسكريين وأمنيين وخبراء دوليين يتم تقديمهم من قبل الأمم المتحدة. و يجب أن لا تشمل هذه القوة أي عناصر لديها توجهات ودوافع ايديولوجية لضمان أن القوة تنتمي لعموم ليبيا في القيادة والتوجه. كما يجب أن يكون تطلعها الذي ترتكز عليه هو ليبيا فقط، بحيث لا تتضمن أية تطلعات غير وطنية و مؤدلجة.

13. ينبغي على المجتمع الدولي المطالبة والمساعدة على فرض نزع السلاح في مدينة طرابلس، مما يتيح للحكومة التي اختارها مجلس النواب العمل من مقرها في عاصمة البلاد، كما يجب أن يطالب ويساعد في فرض نزع السلاح في مدينة بنغازي، وتمكين مجلس النواب الليبي من العمل انطلاقاً من مقرهِ الرسمي فيها.

14. يجب بذل كل جهد ممكن على الصعيدين الاقتصادي والثقافي لمواجهة الغلو والتطرف، واعطاء هذه المسألة أولوية قصوى. ومن ثم يصبح في مقدورنا البدء في إعادة تشغيل الاقتصاد الليبي، ومنح الشباب الليبي رؤى استشرافية ملهمة فيما يخص مستقبل بلادهم، حيث أن الرؤية المستقبلية أمر مهم من أجل انتشال ليبيا من هذا الوضع المؤلم. والمرء يمكنه فقط أن يسحب شاحنة عالقة في الرمال من نقطة ثابتة في المقدمة، بعيداً عن الرمال؛ وعندما نحدد نقطة الإنطلاق، ونحن نقف على أرضية صلبة، سنصل حتماً إلى تحقيق التعافي التام من الأزمات التي تعرقل مسيرتنا، وصولاً إلى تحقيق أماني وتطلعات شعبنا الذي عانى كثيراً.