تونس تصطف خلف مبادرة باريس لحل الأزمة الليبية

08/08/2018

تونس – عكست الدعوات التي أطلقها وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي على هامش لقاء جمعه بالمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، موقف بلاده الداعم لمبادرة باريس لحل الأزمة الليبية والتي تنص على ضرورة إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي.

واستعرض وزير الشؤون الخارحية التونسي والمبعوث الأممي إلى ليبيا في لقاء جمعهما مساء الاثنين بتونس تطورات المسار السياسي في ليبيا والاستعدادات الجارية للانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وشدد الجهيناوي على أهمية العمل على توحيد الجهود لتسريع نسق المشاورات بين الفرقاء الليبيين وتهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أقرب الآجال بما يمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد وتجنيب المنطقة مخاطر التطرف والإرهاب.

وكانت باريس نظمت نهاية مايو الماضي مؤتمرا دوليا حول الأزمة الليبية حضره أكثر من عشرين دولة بالإضافة إلى الأطراف الليبية الفاعلة في المشهد الليبي وهي: المجلس الرئاسي ومجلس الدولة والجيش الوطني ومجلس النواب.

وجرى الاتفاق خلال المؤتمر على جملة من البنود في مقدمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العاشر من ديسمبر المقبل.

وشاركت تونس في المؤتمر الذي حضره الرئيس الباجي قائد السبسي، باعتبارها من دول جوار ليبيا وأحد أبرز المتضررين من أزمتها.

وقبل لقائه بغسان سلامة بحث الجهيناوي الأزمة الليبية هاتفيا مع وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان. وذكر بيان لوزارة الخارجية التونسية أن “الجانبين استعرضا تطورات الأوضاع في ليبيا ومدى التقدم المسجل في المسار السياسي الهادف إلى تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي اتفقت مختلف الأطراف الليبية، خلال اجتماع باريس على إجرائها قبل نهاية السنة الجارية”.

وأكد وزير الشؤون الخارجية التونسي مجددا على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق بين مختلف الدول ذات العلاقة بالملف الليبي، بما يمكّن من تجاوز حالة الجمود التي يعرفها المسار السياسي حاليا، ويساعد على التعجيل بالتوصل إلى حل سياسي ليبي ليبي تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة.

وتبذل تونس جهودا لحل الأزمة الليبية منذ اندلاعها. وأطلق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في العام 2016 مبادرة تهدف إلى العمل على التوصل إلى حل سياسي شامل في ليبيا، كما تشارك تونس في اجتماعات دول جوار ليبيا التي تنعقد كل فترة لمحاولة إنهاء الانقسام السياسي في البلد.

وتحرص تونس اليوم أكثر من أي وقت مضى على إيجاد تسوية تنهي الفوضى التي تشهدها جارتها ما تسبب في تراجع المبادلات التجارية بين الجانبين بسبب تدهور الوضع الأمني ما انعكس سلبا على الاقتصاد التونسي المنهك. وهاجم الجهيناوي في تصريحات لمجلة “فورين بوليسي” تدخل حلف شمال الأطلسي لإسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، ووصفه بـ”المتهور”.

ووصف تدخل الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى أخرى في الحرب الأهلية في ليبيا في العام 2011 بأنه “تقريبًا سياسة الهجوم والانسحاب”.

وتابع “لا توجد استراتيجية للخروج (من ذلك الوضع)؛ لقد أطاحوا بالحكومة، لكنهم لم يساعدوا في خلق أوضاع تساعد الليبي في انتخاب أو اختيار حكومة أخرى” مضيفًا “الآن تجد ليبيا نفسها في حالة فوضى.. وهذا بسبب ما حدث في 2011”.

وشدد الجهيناوي على أنه “من المهم لنا رؤية ليبيا مستقرة لأن أمننا مرتبط مع ذلك الليبي” مشيرًا إلى أن ليبيا لديها بعد الإمكانيات المطلوبة لتحقيق الاستقرار والازدهار بما في ذلك ثروة من الموارد الطبيعية ومجتمع متجانس.

وتنطلق تونس في دعمها لإجراء الانتخابات، رغم الجدل المحلي والدولي بشأنها، من إيمانها بأنها الحل الأخير لاستقرار البلاد، وتأكدها من أن انتظار إصدار الدستور كما تنادي بعض الدول سيستنزف الكثير من الوقت، ما يعني مزيدا من الفوضى.

وتعد إيطاليا وبريطانيا من أبرز الدول الرافضة لإجراء الانتخابات حاليا، وتدعوان إلى ضرورة التوصل لتوافق وطني يوحد مؤسسات الدولة وإصدار الدستور ومن ثم إجراء الانتخابات، وهو ما يحتاج حسب متابعين للشأن الليبي إلى سنوات لتحقيقه.

أما داخليا، فيقود الإسلاميون التيار الرافض لإجراء الانتخابات ومعهم المجلس الرئاسي الذي يدعو بدوره إلى ضرورة إصدار الدستور أولا، في المقابل يدعو الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر وبعض الشخصيات السياسية المناوئة للإسلاميين كسفير ليبيا السابق لدى الإمارات عارف النايض، إلى ضرورة إنهاء الأزمة عبر الانتخابات.

ويتهم التيار الداعم لإجراء الانتخابات مناوئيهم بالسعي إلى إطالة أمد الأزمة والإبقاء على المشهد على حاله.

مصدر: alarab.co.uk