صعوبات تواجه صدور أول دستور لليبيا ما بعد القذافي

31/07/2018

طبرق (ليبيا ) – مازال إصدار الدستور مطلبا صعب التحقيق في ليبيا ما بعد الأحداث التي أطاحت بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

ورغم انتهاء هيئة الستين من كتابة الدستور في يوليو 2017، عقب ثلاث سنوات من الشد والجذب بين أعضائها، إلا أن جملة من الصعوبات مازالت تواجه صدوره.

وتعد المصادقة على مشروع قانون الاستفتاء أحد أبرز التحديات التي يواجهها الدستور.

ومن بين أبرز الأسباب التي تجعل التصويت على مشروع القانون أمرا صعبا اشتراط تصويت 120 نائبا من أصل 200 لصالح القانون لا سيما وأن مجلس النواب يجد صعوبة منذ شهور عديدة في عقد جلسة مكتملة النصاب (101 نائب على الأقل).

ورغم أن وسائل الإعلام الليبية تحدثت عن توجه 50 نائبا من غربي ليبيا (أغلبهم من المقاطعين) إلى طبرق لحضور جلسة التصويت على مشروع القانون، إلا أن النائب زياد الدغيم، طالب نواب المنطقة الشرقية بمقاطعة جلسة التصويت وعدم التصويت بنعم، حتى لا يتحصل على الأغلبية الموصوفة؛ 120 صوتا المحددة بالإعلان الدستوري، والتي أقرتها اللجنة التشريعية ورئاسة المجلس.

وليس فقط نواب المنطقة الشرقية من يعارضون مسودة الدستور، بل هناك دعوات من قبائل التبو والأمازيغ (الأقليات) إلى عدم التصويت لصالح مسودة الدستور، لعدم تضمنه، حسب رأيهم، مطالبهم اللغوية والثقافية، ناهيك عن النواب المطالبين بالفيدرالية في إقليم برقة.

وحتى إن تم إقرار مشروع قانون الاستفتاء، فإن هناك نقطة أخيرة قد تجعل إقرار دستور دائم للبلاد مسألة في غاية الصعوبة، حيث تتحدث عن تقسيم البلاد إلى أربعة دوائر انتخابية (طرابلس، برقة، فزان، الخارج)، ويشترط الحصول على ثلثي الأصوات في كل إقليم لإقرار الدستور، وإذا فرضنا أن إقليم برقة مثلا صوت أقل من الثلثين فهذا سينسف الدستور كاملا ويعيد البلاد إلى نقطة الصفر.

ورفع رئيس مجلس النواب الاثنين الجلسة المخصصة لمناقشة مشروع قانون الاستفتاء، معلنا تأجيل التصويت عليه إلى الثلاثاء، وذلك بسبب خلافات حول المادة الثامنة من مشروع القانون.
وقال الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق الاثنين، إن النواب ناقشوا في جلسة اليوم 46 مادة في قانون الاستفتاء، والتي تم تعديل بعض المفردات أو الكلمات فيها، واتفقوا عليها دون أي تعديلات جوهرية.

وأضاف بليحق في تصريحات صحافية أن الملاحظات جاءت على المادة الثامنة فقط والتي تم طرحها للنقاش في الجلسة.

وتنص المادة على أنه في حالة تم رفض الدستور من الشعب لا تعتبر الهيئة التأسيسية مسؤولة على تعديلها وعرضها من جديد، فمجلس النواب هو من سيشكل لجنة لصياغة مسودة الدستور في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.

وأوضح بليحق أن الجلسة تم تعليقها إلى يوم الثلاثاء، ليأخذ أعضاء المجلس وقتهم في التشاور مع اللجنة التشريعية بمجلس النواب، لأنه في حالة الموافقة على المادة الثامنة فإن إقرار القانون يحتاج الى تعديل دستوري، مشيرا إلى أنه في حالة رفض مشروع الدستور فإن المادة الثامنة تعني حل الهيئة التأسيسية، وهو ما يخالف الإعلان الدستوري.

وتباينت ردود الأفعال قبيل بدء جلسة التصويت على مشروع قانون الاستفتاء، حيث رحبت بعثة الأمم المتحدة بالجلسة واعتبرتها خطوة ضرورية للتأسيس لانتخابات نزيهة.
وقالت البعثة في تغريدة على موقع تويتر إنها “تتابع بانتباه شديد، مع المجتمع الدولي، هذه العملية الديمقراطية لضمان عملية انتخابية حرة ونزيهة على قانون الاستفتاء من أجل مستقبل ليبيا وسلامها”.

وفي المقابل نبه المستشار السياسي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، الطاهر السني، إلى أن “إصدار قانون استفتاء معيب وتكريس مفهوم الأقاليم بثلاث دوائر، هدفه إفشال المشروع” في إشارة إلى التصويت وفقا للأقاليم التاريخية للبلاد (برقة وطرابلس وفزان).

وتساءل المستشار السياسي لرئيس المجلس الرئاسي قائلا “أهذه المصالحة التي تدعون لها؟”، مشددا على أن “ليبيا دائرة واحدة حسب الإعلان الدستوري، وسنظل وطنا واحدا مهما فعل بعض مراهقي السياسة”.

وتدعم تدوينة السني نوقعات بعض المراقبين الذين يرجحون سقوط المسودة في إقليم برقة الذي يدعو أغلب سكانه إلى اعتماد النظام الفيدرالي.

ويلقى الاستفتاء على الدستور عموما، رفضا من قبل التيار الداعي لضرورة إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري وفي مقدمته الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر وبعض الشخصيات السياسية كسفير ليبيا السابق لدى الإمارات عارف النايض الذي سبق وأن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية بالإضافة، إلى بعض الموالين لنظام معمر القذافي .

ويستمد هذا التيار رفضه لإجراء الاستفتاء قبل الانتخابات، من أن الوضع الذي تشهده البلاد لم يعد يحتمل المزيد من الانقسام خاصة في ظل تردي القدرة الشرائية للمواطنين وتدني الخدمات مقابل ارتفاع مؤشرات الفساد.

ويؤكد التيار نفسه على أن الإصرار على إجراء الاستفتاء ليس إلا محاولة من قبل بعض المستفيدين لإطالة الأزمة السياسية التي عجزت المفاوضات عن حلها طيلة السنوات الأربع الماضية، وفي مقدمته تيار الإسلام السياسي الذي يصر على إصدار الدستور كأساس قانوني لإجراء الانتخابات.

مصدر: alarab.co.uk